الأربعاء، 1 أبريل 2009


جبهة الشرق بين سندان القصف الخارجي ومطرقة العصف الداخلي
محمد كامل عبد الرحمن:
من جديد عادت اسطوانة الخلافات الإثنية واثرها في تفكيك جبهة شرق السودان الموقعة على اتفاقية سلام الشرق اواخر العام 2005م، عادت الخلافات بقوة وسط اجواء مشحونة بالتوتر والترقب على خلفية مقتل المئات من قبيلة الرشايدة الرافد الرئيسي لقوات الاسود الحرة احد اطراف جبهة الشرق، حيث قتلوا في قصف بالطيران الحربي الاسرائيلي وسط جبال شعنون شمال غرب بورتسودان وهي سلسلة من الجبال تستمر حتى تخوم الحدود السودانية المصرية قبالة سواحل البحر الأحمر. ويقول العارفون ببواطن الامور داخل تنظيم جبهة الشرق غير المنظم ان بذرة الخلافات بدأت في النمو والتطور منذ اجتماع د. آمنة ضرار نائب رئيس جبهة الشرق مستشار رئيس الجمهورة بعدد من اعضاء اللجنة المركزية للجبهة وخروج المجتمعين من قاعة اجتماعات اساتذة جامعة الخرطوم بقرار اعتبره المراقبون القشة التي قصمت ظهر البعير حيث جاء في حيثيات القرار ان المجتمعين اتفقوا على ازاحة القائد موسى محمد أحمد رئيس جبهة الشرق مساعد رئيس الجمهورية من منصبه وتكوين لجنة تسيير مكلفة برئاسة د. ضرار الى حين انتخاب قيادة للتنظيم مستقبلا ومخاطبة حكومة السودان الطرف الموقع علي اتفاقية سلام الشرق باتخاذ كافة الخطوات التي من شأنها الانسجام مع روح القرار بما في ذلك اعفاء القائد موسى من منصب مساعدرئيس الجمهورية تمهيدا لتسمية آخر في ذات الموقع الذي يعتبر بنص الاتفاقية حكرا على جبهة الشرق. ويبدو ان هذا هو التفسير السليم للازمة فقد تداعت إثر ذلك الاحداث واصدر موسى محمد احمد رئيس التنظيم قرارا اعفي بموجبه د. امنة ضرار من منصبها وطالب الجهات المختصة بوضع القرار في حيز التنفيذ فورا وجاء القرار بعدختام اجتماع عاصف للجنة المركزية للتنظيم عقد بقاعة منظمة الدعوة الاسلامية بالرياض العام الماضي. الا إن جهات حكومية استطاعت ان تهدئ وتمشي بين الفرقاء بالنصيحة فسكنت الخلافات دهرا ولكنها عادت اليوم اشد عنفواناً من اى وقت مضى، فقد ذكر اعضاء من مركزية جبهة الشرق ان القائد موسي محمد احمد أُعتمد رئيساً لتنظيم مؤتمر البجا المسجل وبالتالي اصبح قانوناً غير معني بممارسة اى نشاط خلاف مظلة مؤتمر البجا وتبعه في هذا المنحى د. مبروك مبارك سليم الامين العام السابق للجبهة حيث تم تسجيل حزب الاسود الحرة برئاسته واستلم شهادة التسجيل واصبح تلقائياً رئيسا لحزب معظم اعضائه من قبيلة الرشايدة ويضم بدواعي القومية منتسبين من قبائل اخرى وهو منحى يتنافس فيه جميع الفقراء سواء في مؤتمر البجا او مجموعة آمنة ضرار أو مجموعة حسن كنتباي والخضر الذين يمثلون الاغلبية الساحقة في عضوية اللجنة المركزية لجبهة الشرق الرافضة لمؤامرة تقسيم الجبهة لاجزاء مبعثرة، ويضيف اولئك الاعضاء ان المعركة حاليا تدور بين مجموعة د. آمنة ضرار ومجموعتهم في اتخاذ ذات الخطوة التي اتذخها موسى ومبروك حيث يرغب كلا الطرفين في تسجيل حزب سياسي باسم جبهة الشرق ليكون الوعاء الكبير الذي يضم كافة الاثنيات المتعايشة بسلام في ولايات شرق السودان. ولكن ماهو دور الحكومة من كل هذا الهرج والمرج؟ هل يعقل ان لا يكون لها دور؟ ان اصابع الاتهام تتجه بشدة نحو جهات خططت لتأزيم الاوضاع داخل كيان جبهة الشرق واستطاعت التلاعب بأوتار التباينات الإثنية في تركيبة القيادة الثلاثية للجبهة ومن المهم الاشارة هنا الي ما فعلته الحكومة من منح الاموال لكل قائد على حدة للتبرع بها في زياراته لمناطق الشرق لكسب ود الجماهير وهي الفعلة التي ساهمت في تعميق الاحساس لمدى الخطوة التي يمكن ان يجدها كل من هؤلاء القادة لدي الحكومة والجهات النافذة علي قدر تجاوبه مع السياسات الحكومية الخاصة. لقد كان عملاً خاطئاً ان يتم تقسيم كيان جامع موقع على اتفاق سلام بهدف تحقيق مكاسب حزبية ضيقة ما كان لها ان تتحقق في اجواء ملبدة بغيوم الاحتقان الاثني واذا اضيفت الآثار السالبة لعملية توقيع اتفاق سلام علي خلفية ارضاء القواعد القبلية فإن الطامة الكبرى ان تهميشاً آخر وقع على اثنيات اخرى لها وجود وتاريخ في شرق السودان لم تنل من كيكة السلطة والثروة ولا منصب المعتمد حتى مثل قبائل البشاريين ذات التاريخ والجذور واصحاب مسألة حلايب المنسية وينطبق القول على قبائل الاشراف والامرأر والقبائل الشمالية المستوطنة في الاقليم منذ سالف القرون. ان عملاً ما يتم داخل كيان شرق السودان الجامع وهذا العمل من شأنه مفاقمة الاوضاع وجعل الامور اكثر سوءاً في وقت يتعرض فيه الاقليم الكبير لعملية اختراق صهيوني عبر الطائرات الحربية والطلعات المتكررة والقصف العشوائى الذي يهدد حياة السكان.

ليست هناك تعليقات: