الثلاثاء، 22 سبتمبر 2009
لمواطني هوشيري مظلمة مرفوعة للسيد نائب الرئيس
النهضة الزراعية بالنيل الأبيض حقيقة أم أسطورة؟
ملف حقوق الإنسان...الأبعاد الثلاثية
الإشارات الغامضة في الخطابين الأمريكي والسوداني وتفسيرهما
محمد كامل عبد الرحمن
ما هي مدلولات الخطاب السوداني تجاه الإدارة الامريكية في ظل التوادد المتبادل بين المبعوث الامريكي الخاص اسكوت غريشن وإصطاف وزارة الخارجية السودانية؟ هل تشهد العلاقات بين البلدين تقدماً مثلما يستشف من عبارات الدكتور مطرف صديق الحاضة للطرف الآخر بالتقدم نحو المزيد من الاهتمام بالعلاقات، أم ان الخارجية ترسل إشارات ضمنية للحصول على المبتغى من خلال الإيعاز للأطراف المعنية بأن الأجواء اليوم في السودان أفضل مما كانت عليه في السابق، وأن الحكومة السودانية التي تمثلها الخارجية تستطيع أن تقدم المزيد من التفاهمات على كافة الأصعدة وصولاً الي مرحلة تطبيع العلاقات بشكل كامل، والخروج من مستنقع الشد والجذب الذي ظل يحاصر مسيرة هذه العلاقات منذ أكثر من عقدين من الزمان. إن المتابع لطبيعة التحليلات التي تصدر في الفترة الأخيرة عن أسباب التعثر في العمليات المستمرة من جانب واحد لتطبيع العلاقات السودانية مع الإدارة الامريكية، يلاحظ أن ثمة سطحية ظلت تلازم تلك التحليلات، ففي الوقت الذي يرى فيه البعض ان واشنطون تميل الى التعامل مع الحكومة السودانية بالتركيز أكثر على شقها الجنوبي الذي تمثله حكومة الجنوب بزعامة الحركة الشعبية وتهمل تماماً الشق الذي يمثل شمال السودان وتحمله زيادة على ذلك مسؤوليات بأثر رجعي في رعاية ودعم الإرهاب، رغم الجهود المبذولة لغسل ذلك الملف من اطراف مختصة، بالإضافة الى مخرجات أزمة دارفور الموجودة على الأرض وتلك التي تبرز بين الفينة والاخرى في صورة مفردات مثل الإبادة الجماعية وصويحباتها، يرى آخرون أن الإدارة الامريكية ربما تعيد النظر في خياراتها تجاه تبديل النظام القائم حالياً بالعمل على تثبيته خدمةً لأهدافها هي في المقام الأول، خاصة أن البدائل الاخرى تندرج تحت إطار الرهان على الفوضى المفضية الى نسف الاستقرار بالكامل. ولكن دعونا قبل تفسير مغازي الرؤى المتباينة تجاه حقيقة ما ينطوي عليه ملف العلاقات بين واشنطون والخرطوم، دعونا ندخل الى صلب الخطاب الامريكي تجاه السودان الذي بدا واضحاً من خلال خطابات الرئيس الامريكي باراك اوباما في مصر وفي غانا إبان زيارتيه الشهيرتين لذينك البلدين، فقد ذكر أوباما وهو يخاطب الحضور في مصر أن إدارته تنظر الى الوضع في دارفور باعتباره إبادة جماعية، وكرر ذات الوصف للأزمة خلال مخاطبته ملايين الأفارقة في غانا، وزاد بالقول وهو يصف أزمة دارفور «يجب أن نصمد أمام الوحشية التي تعيش بين ظهرانينا، انها ليست ابدا مبررا لاستهداف الابرياء باسم الإيديولوجية، ومن يحكم بالإعدام على المجتمع مستخدماً القوة بلا هوادة فيها لقتل الأطفال والنساء واغتصابهن في الحروب، يجب علينا أن نكون شهودا على قيمة كل طفل في دارفور وكرامة كل امرأة في الكنغو». إذن الإدارة الامريكية تنظر الى الوضع في السودان باعتباره وضعاً حرجاً يتخذ شكل الجرائم ضد الانسانية، وتحمل الحكومة السودانية مسؤولية ما جرى، ولن يتأتى لأي شخص أن يتعهد بإزالة هذه الرؤية إلا الإدارة الأمريكية نفسها وفق آلياتها المتعددة التي لن تتفق على التغاضي عما تراه وتصفه بالوحشية، وستكون نقطة الوصول التالية في ظل رؤى متباينة بهذا المستوى، أن تدعم الادارة الامريكية جهود المحكمة الجنائية الدولية، وهو ما لن ترضاه الحكومة السودانية، فعلى اي اساس مستقبلي تراهن الخارجية السودانية في تواددها المستمر مع مبعوث الرئيس الامريكي؟ وإذا قلنا بأن المبعوث الامريكي يستطيع أن يعكس الرؤية اللازمة لتحسين وتطبيع العلاقات، وان رؤية اوباما تجاه ما جرى في دارفور مقدور عليها، فإن مفردات اوباما ستطارد وتدحض هذه المجادلة، والميديا الامريكية والافريقية تقود الخطوط الى نهاية المطاف، بحيث تصبح كلمات اوباما افعالاً لا أقوال، وهو ما ركز عليه في خطابه بغانا حينما قال «أمريكا ستتحمل مسؤولية دفع هذه الرؤية، وليس بالكلام فقط، ولكن مع الدعم الذي يعزز القدرة الأفريقية، وعندما تكون هناك إبادة جماعية في دارفور أو إرهابيون في الصومال، فهذه ليست مجرد مشاكل أفريقية بل هي تحديات تواجه الأمن العالمي، وتتطلب استجابة عالمية، هذا هو السبب في أننا مستعدون للمشاركة من خلال الدبلوماسية، والمساعدة التقنية، والدعم اللوجستي، وسوف نقف وراء الجهود الرامية الى اجراء محاسبة مجرمي الحرب. واسمحوا لي أن أقول بوضوح: لدينا قيادة عسكرية في افريقيا لا تركز على اقامة موطئ قدم في القارة، بل على مواجهة هذه التحديات المشتركة لتعزيز الأمن في اميركا وافريقيا والعالم». إذن اوباما يعد بأن إدارته ستعمل على دعم الجهود الرامية لمحاكمة مجرمي الحرب، فمن يقصد بذلك وكيف؟ وما هي انعكاسات الرؤية الامريكية على الحوار الجاري بين أطقم الخارجية السودانية ومنسوبي إدارة اوباما؟ إن الإجابة على هذه الأسئلة تتطلب شجاعة كافية من قبل المسؤولين السودانيين الممسكين بملف معالجة أزمة العلاقات بين واشنطون والخرطوم، وهم يحتاجون الى المزيد من الإفصاح عن رؤيتهم تجاه هذه الموضوعات الشائكة وكيفية معالجتها، قبل أن يعدونا بقرب انتهاء القطيعة المتطاولة للعلاقات بين البلدين، او تحديداً قبل ان يرسلوا الإشارات للإدارة الامريكية بالتقدم الى الأمام نحو المزيد من التطبيع، ونحن هنا نتساءل يا ترى الى اي مدى ستتقدم واشنطون نحو الخرطوم في ظل التقدم المريع للرئيس اوباما في خطابه الكاشف لمستقبل العلاقات، وهل ستساهم مثل هكذا إشارات في تغيير رؤية الإدارة الامريكية لما بين يديها من بيِّنات صاغت بموجبها خطابها الرئاسي؟ إن التفسير المنطقي للأمور يفيد بأن الأمل في تحسن العلاقات بين واشنطون والخرطوم يتبدد يوماً بعد يوم، وليس مرد ذلك الى فشل العاكفين على الامر، بل يعود السبب الرئيسي الى عدم التكافؤ في تفهم طبيعة وكيفية اتخاذ القرار وطرائق التفكير لدى الطرف الآخر.
الأربعاء، 26 أغسطس 2009
منظمات المجتمع المدني السودانية تطالب بتكوين مفوضية لحقوق الانسان
لتسريع خطوات تكوين المفوضية القومية لحقوق الانسان
اصدرت عشرة من منظمات المجتمع المدني السوداني اليوم بياناً ناشدت فيه رئاسة الجمهورية المسارعة بالمصادقة علي تكوين المفوضية القومية لحقوق الانسان بعد ان تم فعلياً منذ مايو الماضي مناقشة القانون الخاص بالمفوضية ، واكدت المنظمات الموقعة علي البيان ان تكوين المفوضية من شأنه أن يشكل استجابة لمتطلبات البناء الدستوري والمؤسسي، ونهوضاً بواجب التحول الديموقراطي وترقية لحالة حقوق الإنسان بالبلاد وتوسيع دائرة التشاور علي المستوي الوطني ،خلال المسار التحضيري لتكوين المفوضية، مع مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات والشبكات العاملة في مجال حقوق الإنسان، فضلاً عن الاحزاب السياسية الحاكمة والمعارضة وذلك لضمان تشكيل مفوضية مستقلة وفعالة ومتوافق حولها من قبل الأطراف كافة. وأمنت المنظمات في بيانها علي ضرورة التقيد بالمعايير المتفق عليها دولياً والالتزام باشاعة مبادئ الشراكة والشفافية والتشاور في اختيار اعضاء المفوضية وذلك لتيسير نجاح المفوضية في انفاذ ولايتها، فضلاً عن ضمان تصدي اعضائها لمهامهم بكفاءة ومهنية وشجاعة واقتداروذلك بالتأكيد علي معايير الاختيار الواردة في قانون إنشاء المفوضية القومية لحقوق الانسان، ولا سيما ضمان تمثيل المجتمع المدني والمراة في تشكيل المفوضية القومية على أن يتم الاتفاق على آلية أو طريقة عادلة وموضوعية لاختيار المرشحين لعضويتها مع الحرص بالعمل على إنشاء مفوضية تلقى القبول والإعتراف من قبل الجميع على المستوى الوطنى، الإقليمى والدولى من خلال إجراءات تعيين مقبولة ومعمول بها حتى تتمكن من أداء مهامها بفعالية . ( نص البيان):
بيان صحفي حول
إنشاء المفوضية القومية لحقوق الإنسان
لا شك أن موضوع إنشاء المفوضية القومية لحقوق الانسان يشكل أحد اكبر التطلعات لكافة العاملين في مضمار حقوق الانسان علاوة علي فئات الشعب كافة وذلك باعتبار كون المفوضية تمثل الآلية الوطنية المناط بها رعاية وتعزيز وحماية حقوق الإنسان بالبلاد، وتحقيق الكرامة الانسانية التي يصبو اليها ابناء الامة السودانية.
وما برح موضوع المفوضية يستأثر باهتمام المجتمع المدني منذ النص في الدستور الانتقالي لعام 2005م علي انشاء المفوضية وقبله، الأمر الذي جعل العديد من المنظمات والشبكات تسارع في الاستجابة للمبادرة الكريمة التي اطلقتها سكرتارية تنسيق منظمات المجتمع المدني بغرض التفاكر حول تطوير رؤية متوافق عليها في أوساط المجتمع المدني حيال المفوضية القومية لحقوق الإنسان وقد انعقد عزم هذه المنظمات والشبكات على مواصلة العمل لحين انجاز مهمة جعل مفوضية حقوق الإنسان واقعا مستقلا وفعالا ومؤثرا.
وقد أبدت هذه المنظمات والشبكات اهتماما فائقا بموضوع الشروع في تكوين المفوضية القومية لحقوق الإنسان، كما ثمنت الجهود التي بذلت من مختلف الأطراف الرسمية والتشريعية والطوعية في صياغة قانون المفوضية القومية لحقوق الإنسان لسنة 2009.
وإذ نشيد بمصادقة السيد رئيس الجمهورية علي قانون المفوضية في 31 مايو 2009 - الذي تضمن حوالي 80% مما طالبنا به في مذكراتنا السابقة للمفوضية القومية للمراجعة الدستورية والبرلمان- فإننا نود أن نتقدم بالمقترحات التالية:
· مناشدة السيد رئيس الجمهورية والسادة النائب الأول لرئيس الجمهورية ونائب رئيس الجمهورية بالاسراع في تكوين المفوضية القومية لحقوق الإنسان - الأمر الذي نرى أنه قد تأخر كثيرا- وذلك استجابة لمتطلبات البناء الدستوري والمؤسسي، ونهوضاً بواجب التحول الديموقراطي وترقية لحالة حقوق الإنسان بالبلاد.
· توسيع دائرة التشاور علي المستوي الوطني ، خلال المسار التحضيري لتكوين المفوضية، مع مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات والشبكات العاملة في مجال حقوق الإنسان، فضلاً عن الاحزاب السياسية الحاكمة والمعارضة وذلك لضمان تشكيل مفوضية مستقلة وفعالة ومتوافق حولها من قبل الأطراف كافة.
· مراعاة اتساق أوضاع المفوضية القومية لحقوق الانسان بصورة كاملة مع مبادئ باريس وكافة المعايير الدولية المعتمدة والممارسلت الجيدة لإنشاء اللجان الوطنية لحقوق الانسان.
· التقيد بالمعايير المتفق عليها دولياً والالتزام باشاعة مبادئ الشراكة والشفافية والتشاور في اختيار اعضاء المفوضية وذلك لتيسير نجاح المفوضية في انفاذ ولايتها، فضلاً عن ضمان تصدي اعضائها لمهامهم بكفاءة ومهنية وشجاعة واقتدار.
· التأكيد علي معايير الاختيار الواردة في قانون إنشاء المفوضية القومية لحقوق الانسان، ولا سيما ضمان تمثيل المجتمع المدني والمراة في تشكيل المفوضية القومية على أن يتم الاتفاق على آلية أو طريقة عادلة وموضوعية لاختيار المرشحين لعضويتها.
· العمل على إنشاء مفوضية تلقى القبول والإعتراف من قبل الجميع على المستوى الوطنى، الإقليمى والدولى من خلال إجراءات تعيين مقبولة ومعمول بها حتى تتمكن من أداء مهامها بفعالية .
وإذ تتقدم مؤسسات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الانسان بالمقترحات الآنف ذكرها، تعلن بانها بصدد اعداد مذكرة فنية بالتشاور مع مختلف الشركاء مشفوعة باتصالات مطردة مع الجهات المعنية محورها إنشاء المفوضية القومية لحقوق الانسان، كما تعلن بانها بصدد القيام بحراك قومي يستهدف إشاعة الوعي بماهية المفوضية ودورها ومسئولياتها تجاه ملف حقوق الانسان ، الي جانب الـتأكيد علي التزام المجتمع المدني بمواصلة العمل، بالتنسيق مع المفوضية القومية، لتعزيز وترقية حالة حقوق الانسان بالبلاد.
سكرتارية تنسيق منظمات المجتمع المدني
· شبكة حقوق الإنسان والعون القانوني،
· الجمعية السودانية لحماية البيئة،
· المنبر السوداني للسلام وحقوق الإنسان،
· ملتقي منظمات دارفور– شركاء حقوق الانسان،
· شبكة المنظمات الوطنية بجبال النوبة ( نوبة نت)،
· شبكة منظمات المجتمع المدني لمكافحة الفقر،
· شبكة بناء السلام،
· منبر مجموعة أوسلو
· المجموعة الاستشارية للتنمية البشرية.
· وآخرون.
الخرطوم – الاثنين 24 أغسطس 2009
الأربعاء، 1 أبريل 2009
جبهة الشرق بين سندان القصف الخارجي ومطرقة العصف الداخلي
محمد كامل عبد الرحمن:
قراءة هادئة في ملف أزمة جبهة الشرق
محمد كامل عبد الرحمن :
ماذا بعد تمديد ولاية سيما سمر؟
من المهم جداً ونحن نتحدث عن مجريات الامور خلال دورة انعقاد مجلس حقوق الانسان التاسعة والتي تم التجديد عبرها لإستمرار ولاية المقرر الخاص شهور عديدة اخرى، من المهم ان نذكر بأن ملف حقوق الانسان بالسودان في طريقه للإقتران بملف المحكمة الدولية بلاهاي طال الزمن ام قصر شئنا ام ابينا وسيكون المدخل نحو المطالبة بمحاكمة المسؤولين عن جرائم الحرب هو التقارير التي ترصدها المنظمات الدولية المعنية بأوضاع حقوق الإنسان، فقد جرت تحت جسر الاسبوعين الماضيين مياه كثيرة خلال مداولات المؤتمرين لتقرير سيما سمر المقرر الخاص لحقوق الانسان بالسودان والذي قدمته أثناء مداولات المجلس في دورة إنعقاده التاسعة مصحوباً بملاحق مزعجة عن التقدم والتأخر في اوضاع حقوق الانسان بالسودان خلال عام ، ففي الوقت الذي أكدت فيه المقررة تعاون حكومة السودان فيما يلي نيتها معالجة القوانين المحلية المناهضة لاتفاقيات جنيف الاربعة اشارت في ذات الوقت الي ان اوضاع حقوق الانسان بالسودان تزداد سوءاً خاصة في دارفور وركزت علي الإجراءات الرسمية التي نفذت بعد أحداث ام درمان الاخيرة واصفة ما تم من اعتقالات وسط بعض المتهمين بانها اعتقالات اعتباطية مورست بتمييز اثني واضح وطالبت برعاية الاطفال الجنود الذين تم توقيفهم اثناء الاحداث باعتبارهم ضحايا استغلال من قبل آخرين، واتخذت المقررالخاص هذه الحادثة دليلاً قائماً يدعم ما جاء في مجمل حيثيات تقريرها ولم تنس ان تطعمه بتوابل متنوعة بذكر اوضاع حقوق الانسان بجنوب السودان بين النقد والتشجيع علي اتخاذ المزيد من الإجراءات الموجبة لتعزيز حالة الحقوق بالجنوب، وما يدعو للتأمل العميق ان منظمات طوعية عالمية ومحلية انبرت للتأكيد علي صحة ماجاء في تقرير سيما سمر لترسيخ الفكرة السائدة اصلاً عن تردي اوضاع حقوق الانسان بدارفور ، فقد ذكر متحدث بإسم منظمة هيومن رايتس ووتش ان المدنيين في دارفور يتعرضون لقصف متواصل بالطائرات العسكرية من قبل القوات الحكومية وذكر ان عدد الضحايا ارتفع في الأونة الاخيرة ليتجاوز المائة قتيل سقطوا بنيران الطائرات الحكومية ثم ذكر اعداد الضحايا الذين قتلوا في احداث معسكر كلمة الاخيرة واصفاً الحكومة السودانية بالمجرمة والمنتهكة لحقوق السكان والمدنيين ومطالباً المجلس في ذات الوقت بإتخاذ القرارات المناسبة لإدانة الحكومة السودانية وضمان عدم إفلات المسؤلين عن الجرائم المزعومة من العقاب. والمدهش في الأمر انه بعد ان تحدث المتحدث باسم هيومن رايتس وشارف علي إنهاء حديثه جاء صوت من المنصة الرئيسية لمجلس حقوق الانسان يفيد بأن المتحدث المذكور لا يمثل منظمة هيومن رايتس ووتش وان الفرصة ستتاح للإستماع الي المتحدثة الرسمية بإسم منظمة هيومن رايتس ووتش وبالفعل تحدثت المذكورة واستكملت حديث سابقها وزادت عليه بكيل المزيد من الاتهامات ضد الحكومة السودانية ومؤسساتها الامنية والعسكرية. وبحسب سير الامور فقد استمع المجلس لجميع الاطراف ذات الصلة بملف حقوق الانسان بالسودان واتيحت الفرصة لدحض ما جاء في تقرير المقرر الخاص إلا انها لم تستغل الاستغلال الانسب حيث تحدث وكيل وزارة العدل نيابة عن الحكومة السودانية مدافعاً بأن السودان ادخل اصلاحات قانونية عديدة من اجل تعزيز حقوق الانسان وطالب المجتمع الدولي بتشجيع هذه الجهود وتقديم الدعم اللازم لاستمرارها غير ان الدفوعات الحكومية لم تتطرق الي ما جاء بملحق تقرير سيما سمر وهو امر مهم للغاية حيث ان مشروع القرار الذي تبنته المجموعة الاوربية اعتمد علي ما جاء بملحق التقرير واستند عليه في حيثيات مطالباته بضرورة الضغط علي حكومة السودان لاتخاذ المزيد من التدابير لتعزيز اوضاع حقوق الانسان ما فتح الباب واسعاً لدول داخل المجموعة الافريقية لامساك العصا من المنتصف والمطالبة بصورة جماعية ملفتة للنظر بضرورة اعتماد المجلس مبدأ عدم الإفلات من العقاب حين النظر في المسألة السودانية وهي اس محتوى المشروع الاوربي ومن الواضح للناظر في لب الموضوع ان الامر ينطوي على خبث ومكر صريحين بحيث تبدو العلاقة واضحة بين مداولات المجلس من جهة والخطوات الجارية لتأزيم إشكالية السودان مع المحكمة الدولية من جهة ثانية. وتحدث آخرون من المجموعة الوطنية لحقوق الانسان حول اوضاع حقوق الانسان وتم تنفيذ ندوة داخل مباني الامم المتحدة بجنيف عن ازمة دارفور وتسييس المحكمة الدولية تضمنت محاولات متواضعة لتفنيد إدعاءات اوكامبو ضد السودان بيد ان ندوة ممثلي اتحاد المحامين العرب التي سبقتها بذات القاعة كانت اقوي حجة واكثر تنظيماً حيث حضرها عدد كبير من الصحفيين العرب والاجانب وبدا ان اتحاد المحامين العرب اكثر دفاعاً عن السودان من كثير من اصحاب الشأن ممن لا يحسنون استخدام الاعلام والوسائط الاعلامية للتبشير بالمبادئ والحقوق ويبدو ان اتحاد المحامين العرب بدأ يدفع ثمن وقفته الشجاعة مع السودان حيث كثرت في الاونة الاخيرة المقالات الناقدة للإتحاد الواصفة إياه بإدمان الهروب من الوقوف مع المستضعفين في الوطن العربي ، وشاركت وفود من مفوضية نزع السلاح وإعادة الإدماج والتسريح ونالت مفوضية شمال السودان صوت شكر من مجلس حقوق الانسان لنشاطها الجاد في إدماج المسرحين واعتماد آليات جديدة للعمل كما شارك وفد من اتحاد المرأة ووفود من عدد من المنظمات غير الحكومية مثل المنظمة الافريقية الامريكية للتنمية البشرية ومنظمة تنمية الطفل والمنظمات المنضوية تحت مظلة اسكوفا ومنظمة الشهيد الزبير ومنظمة معارج ومنظمة احياء التراث النوبي ومنظمة تنمية المابان ومنظمة الدفاع عن المدنيين الدارفورية وغيرها ما يعد امراً جديراً بالتقدير للدور المتعاظم الذي تقوم به منظمات المجتمع المدني غير الحكومية رغم وجود سلبيات عديدة وأخطاء جسيمة خلال المشاركة تحتاج الى مراجعات في المرات المقبلة الا انها مفيدة في التنبيه للاخطار قبل حدوثها وهو فهم متقدم مثل حاجة البشرية دوماً الي تطوير الاجهزة الكاشفة للزلازل والهزات الارضية تقليلاً للخسائر والاضرار . وعوداً الى مسألة المحاولات الجادة الجارية للربط بين حالة حقوق الإنسان وأزمة المحكمة الدولية من المفيد التقرير بأن مشروع القرار الاوربي كان يهدف عبر بنوده الي تمديد ولاية المقرر الخاص بالسودان وقد كان وسعي لضمان تعاون السودان مع المحكمة الدولية ولو علي المستوى الأدنى وهو بالضبط ما أشار اليه السيد رئيس الجمهورية عقب صدور إدعاءات المدعي العام حين كشف عن صفقة قدمها الغرب بترك قضية مطالبة الرئيس اذا تم تسليم المطلوبين الاوائل مثل هارون وكشيب وهو الامر الذي يرفضه السيد الرئيس تماماً- وفي الحالة الأخيرة سيقوم الاتحاد الاوربي بتصعيد الازمة الى نهاياتها البعيدة الكفيلة بزعزعة الأمن والإستقرار بالسودان لفترة قد تطول او تقصر ومن الواضح ان مجادلة خيارات كهذه تبدو عصية على كثير من القائمين بالامر لانها تزيد الامور تعقيداً الى تعقيد إن التعويل علي تفويت الفرصة ومحاصرة مخططات اعداء البلاد يجب ان يتجه الى خيارات وطنية منذ تاريخ اللحظة فقد اتضح جلياً ان الغرب سبق وان اتخذ خياراته بتصعيد مسألة المحكمة الجنائية الى نهاياتها مستخدماً كافة الوسائط المتاحة ومن بينها مجلس حقوق الانسان وما وراءه من مفوضيات وسيتخذ الغرب تدابير أُخُر عبر وسائط اُخرى وصولاً الى تكامل الأدوارونجاح المخطط ونحن مطالبون بإتخاذ تدابير وقائية بذات المنهج فهل هناك من متابع أم ان الأجهزة التنفيذية تنتظر صدور قرار قضاة المحكمة الدولية لتبدأ في حشد الحشود؟!!!. بقي ان نذكر ان دولة روسيا الفدرالية قدمت مداخلة ممتازة بتقديم التساؤل الى اعضاء المجلس حول مفهوم الإفلات من العقاب هل يقتصر تطبيقه فقط على تلك الدول الإفريقية البائسة فيما تمرح قوات الدول العظمى في العراق وافغانستان وفي العديد من مناطق العالم وتقتل المدنيين العزل ثم لا تخضع لسلطة المحكمة الجنائية بلاهاي أم سيعمد المجلس الموقر الي اتخاذ تدابير جديدة تضمن عدم إفلات كل المتسببين في انتهاكات ضد حقوق الإنسان من العقاب؟ وبدا التساؤل الروسي في مكانه في الوقت الذي تسخن فيه آليات الحرب الباردة مجدداً أمام إستحسان غالب دول العالم أملاً في التخلص من قبضة القوى الآحادية الامريكية. من المهم جداً ونحن نتحدث عن مجريات الامور خلال دورة انعقاد مجلس حقوق الانسان التاسعة والتي تم التجديد عبرها لإستمرار ولاية المقرر الخاص شهور عديدة اخرى، من المهم ان نذكر بأن ملف حقوق الانسان بالسودان في طريقه للإقتران بملف المحكمة الدولية بلاهاي طال الزمن ام قصر شئنا ام ابينا وسيكون المدخل نحو المطالبة بمحاكمة المسؤولين عن جرائم الحرب هو التقارير التي ترصدها المنظمات الدولية المعنية بأوضاع حقوق الإنسان، فقد جرت تحت جسر الاسبوعين الماضيين مياه كثيرة خلال مداولات المؤتمرين لتقرير سيما سمر المقرر الخاص لحقوق الانسان بالسودان والذي قدمته أثناء مداولات المجلس في دورة إنعقاده التاسعة مصحوباً بملاحق مزعجة عن التقدم والتأخر في اوضاع حقوق الانسان بالسودان خلال عام ، ففي الوقت الذي أكدت فيه المقررة تعاون حكومة السودان فيما يلي نيتها معالجة القوانين المحلية المناهضة لاتفاقيات جنيف الاربعة اشارت في ذات الوقت الي ان اوضاع حقوق الانسان بالسودان تزداد سوءاً خاصة في دارفور وركزت علي الإجراءات الرسمية التي نفذت بعد أحداث ام درمان الاخيرة واصفة ما تم من اعتقالات وسط بعض المتهمين بانها اعتقالات اعتباطية مورست بتمييز اثني واضح وطالبت برعاية الاطفال الجنود الذين تم توقيفهم اثناء الاحداث باعتبارهم ضحايا استغلال من قبل آخرين، واتخذت المقررالخاص هذه الحادثة دليلاً قائماً يدعم ما جاء في مجمل حيثيات تقريرها ولم تنس ان تطعمه بتوابل متنوعة بذكر اوضاع حقوق الانسان بجنوب السودان بين النقد والتشجيع علي اتخاذ المزيد من الإجراءات الموجبة لتعزيز حالة الحقوق بالجنوب، وما يدعو للتأمل العميق ان منظمات طوعية عالمية ومحلية انبرت للتأكيد علي صحة ماجاء في تقرير سيما سمر لترسيخ الفكرة السائدة اصلاً عن تردي اوضاع حقوق الانسان بدارفور ، فقد ذكر متحدث بإسم منظمة هيومن رايتس ووتش ان المدنيين في دارفور يتعرضون لقصف متواصل بالطائرات العسكرية من قبل القوات الحكومية وذكر ان عدد الضحايا ارتفع في الأونة الاخيرة ليتجاوز المائة قتيل سقطوا بنيران الطائرات الحكومية ثم ذكر اعداد الضحايا الذين قتلوا في احداث معسكر كلمة الاخيرة واصفاً الحكومة السودانية بالمجرمة والمنتهكة لحقوق السكان والمدنيين ومطالباً المجلس في ذات الوقت بإتخاذ القرارات المناسبة لإدانة الحكومة السودانية وضمان عدم إفلات المسؤلين عن الجرائم المزعومة من العقاب. والمدهش في الأمر انه بعد ان تحدث المتحدث باسم هيومن رايتس وشارف علي إنهاء حديثه جاء صوت من المنصة الرئيسية لمجلس حقوق الانسان يفيد بأن المتحدث المذكور لا يمثل منظمة هيومن رايتس ووتش وان الفرصة ستتاح للإستماع الي المتحدثة الرسمية بإسم منظمة هيومن رايتس ووتش وبالفعل تحدثت المذكورة واستكملت حديث سابقها وزادت عليه بكيل المزيد من الاتهامات ضد الحكومة السودانية ومؤسساتها الامنية والعسكرية. وبحسب سير الامور فقد استمع المجلس لجميع الاطراف ذات الصلة بملف حقوق الانسان بالسودان واتيحت الفرصة لدحض ما جاء في تقرير المقرر الخاص إلا انها لم تستغل الاستغلال الانسب حيث تحدث وكيل وزارة العدل نيابة عن الحكومة السودانية مدافعاً بأن السودان ادخل اصلاحات قانونية عديدة من اجل تعزيز حقوق الانسان وطالب المجتمع الدولي بتشجيع هذه الجهود وتقديم الدعم اللازم لاستمرارها غير ان الدفوعات الحكومية لم تتطرق الي ما جاء بملحق تقرير سيما سمر وهو امر مهم للغاية حيث ان مشروع القرار الذي تبنته المجموعة الاوربية اعتمد علي ما جاء بملحق التقرير واستند عليه في حيثيات مطالباته بضرورة الضغط علي حكومة السودان لاتخاذ المزيد من التدابير لتعزيز اوضاع حقوق الانسان ما فتح الباب واسعاً لدول داخل المجموعة الافريقية لامساك العصا من المنتصف والمطالبة بصورة جماعية ملفتة للنظر بضرورة اعتماد المجلس مبدأ عدم الإفلات من العقاب حين النظر في المسألة السودانية وهي اس محتوى المشروع الاوربي ومن الواضح للناظر في لب الموضوع ان الامر ينطوي على خبث ومكر صريحين بحيث تبدو العلاقة واضحة بين مداولات المجلس من جهة والخطوات الجارية لتأزيم إشكالية السودان مع المحكمة الدولية من جهة ثانية. وتحدث آخرون من المجموعة الوطنية لحقوق الانسان حول اوضاع حقوق الانسان وتم تنفيذ ندوة داخل مباني الامم المتحدة بجنيف عن ازمة دارفور وتسييس المحكمة الدولية تضمنت محاولات متواضعة لتفنيد إدعاءات اوكامبو ضد السودان بيد ان ندوة ممثلي اتحاد المحامين العرب التي سبقتها بذات القاعة كانت اقوي حجة واكثر تنظيماً حيث حضرها عدد كبير من الصحفيين العرب والاجانب وبدا ان اتحاد المحامين العرب اكثر دفاعاً عن السودان من كثير من اصحاب الشأن ممن لا يحسنون استخدام الاعلام والوسائط الاعلامية للتبشير بالمبادئ والحقوق ويبدو ان اتحاد المحامين العرب بدأ يدفع ثمن وقفته الشجاعة مع السودان حيث كثرت في الاونة الاخيرة المقالات الناقدة للإتحاد الواصفة إياه بإدمان الهروب من الوقوف مع المستضعفين في الوطن العربي ، وشاركت وفود من مفوضية نزع السلاح وإعادة الإدماج والتسريح ونالت مفوضية شمال السودان صوت شكر من مجلس حقوق الانسان لنشاطها الجاد في إدماج المسرحين واعتماد آليات جديدة للعمل كما شارك وفد من اتحاد المرأة ووفود من عدد من المنظمات غير الحكومية مثل المنظمة الافريقية الامريكية للتنمية البشرية ومنظمة تنمية الطفل والمنظمات المنضوية تحت مظلة اسكوفا ومنظمة الشهيد الزبير ومنظمة معارج ومنظمة احياء التراث النوبي ومنظمة تنمية المابان ومنظمة الدفاع عن المدنيين الدارفورية وغيرها ما يعد امراً جديراً بالتقدير للدور المتعاظم الذي تقوم به منظمات المجتمع المدني غير الحكومية رغم وجود سلبيات عديدة وأخطاء جسيمة خلال المشاركة تحتاج الى مراجعات في المرات المقبلة الا انها مفيدة في التنبيه للاخطار قبل حدوثها وهو فهم متقدم مثل حاجة البشرية دوماً الي تطوير الاجهزة الكاشفة للزلازل والهزات الارضية تقليلاً للخسائر والاضرار . وعوداً الى مسألة المحاولات الجادة الجارية للربط بين حالة حقوق الإنسان وأزمة المحكمة الدولية من المفيد التقرير بأن مشروع القرار الاوربي كان يهدف عبر بنوده الي تمديد ولاية المقرر الخاص بالسودان وقد كان وسعي لضمان تعاون السودان مع المحكمة الدولية ولو علي المستوى الأدنى وهو بالضبط ما أشار اليه السيد رئيس الجمهورية عقب صدور إدعاءات المدعي العام حين كشف عن صفقة قدمها الغرب بترك قضية مطالبة الرئيس اذا تم تسليم المطلوبين الاوائل مثل هارون وكشيب وهو الامر الذي يرفضه السيد الرئيس تماماً- وفي الحالة الأخيرة سيقوم الاتحاد الاوربي بتصعيد الازمة الى نهاياتها البعيدة الكفيلة بزعزعة الأمن والإستقرار بالسودان لفترة قد تطول او تقصر ومن الواضح ان مجادلة خيارات كهذه تبدو عصية على كثير من القائمين بالامر لانها تزيد الامور تعقيداً الى تعقيد إن التعويل علي تفويت الفرصة ومحاصرة مخططات اعداء البلاد يجب ان يتجه الى خيارات وطنية منذ تاريخ اللحظة فقد اتضح جلياً ان الغرب سبق وان اتخذ خياراته بتصعيد مسألة المحكمة الجنائية الى نهاياتها مستخدماً كافة الوسائط المتاحة ومن بينها مجلس حقوق الانسان وما وراءه من مفوضيات وسيتخذ الغرب تدابير أُخُر عبر وسائط اُخرى وصولاً الى تكامل الأدوارونجاح المخطط ونحن مطالبون بإتخاذ تدابير وقائية بذات المنهج فهل هناك من متابع أم ان الأجهزة التنفيذية تنتظر صدور قرار قضاة المحكمة الدولية لتبدأ في حشد الحشود؟!!!. بقي ان نذكر ان دولة روسيا الفدرالية قدمت مداخلة ممتازة بتقديم التساؤل الى اعضاء المجلس حول مفهوم الإفلات من العقاب هل يقتصر تطبيقه فقط على تلك الدول الإفريقية البائسة فيما تمرح قوات الدول العظمى في العراق وافغانستان وفي العديد من مناطق العالم وتقتل المدنيين العزل ثم لا تخضع لسلطة المحكمة الجنائية بلاهاي أم سيعمد المجلس الموقر الي اتخاذ تدابير جديدة تضمن عدم إفلات كل المتسببين في انتهاكات ضد حقوق الإنسان من العقاب؟ وبدا التساؤل الروسي في مكانه في الوقت الذي تسخن فيه آليات الحرب الباردة مجدداً أمام إستحسان غالب دول العالم أملاً في التخلص من قبضة القوى الآحادية الامريكية. محمد كامل عبد الرحمن
شهر المبادرات.. الأمل أن يغاث فيه الناس ويعصرون
من الواضح أن السياسات بالسودان تسير هذه الأيام على غير المعتاد نحو الإنفتاح على الآخر بعد أن غرقت البلاد في خضم الاستقطاب والاستقطاب المضاد بين الخصماء ردحاً من الزمن، ومن المهم جداً أن نقول للمحسن أحسنت طالما أن النصائح أصبحت تؤتي أكلها في بلد لا يزال أبناؤه يحملون السلاح ضد بعضهم البعض في صراع مرير على السلطة التي توشك أن تأتي عليها النوائب بحيث لا يتبقى منها كرسي أو شبر أرض لحاكم. ولوقت قريب كان البعض يعلَّق على نصائح الناصحين بالقول أنها مجرد هرطقات أو بالقول أن هؤلاء يهرفون بما لا يعرفون وأن للسلطة مفكرون يكفونها تغول المتغولين وشر الأفكار الهدامة، ويقولون لو أننا اتبعنا آراء أصحاب الرأي لتخطفنا المعارضون ولتمزّقت الإنقاذ شر ممزق! إن مبادرة أهل السودان التي انبرى لها نفر من أصحاب السلطة في محاولة لتصحيح مسار الحكم المستفرد بالآلة التنفيذية والمالية هي محاولة جيدة لانقاذ ما يمكن انقاذه مما أصابته أحداث دارفور المتلاحقة والتي يمسك بعضها برقاب الآخر ولعل أسوأها ما يثار حول جرجرة المجتمع الدولي للوضع في دارفور بحيث يمكن من محاكمة رأس البلاد ورمز سيادتها انتصافاً للضحايا الذين سقطوا بأعداد كبيرة منذ اندلاع الأزمة والى تاريخه، ومن البدهي القول بأن ترك الامور تتدحرج نحو حافة المطالبات القضائية الدولية ليس من الحكمة في شيء والأوفق أن تتعاهد القوى السياسية في الحكم والمعارضة للوصول الى رأي حاسم بشأن مشكلة دارفور وحلها حلاً جذرياً ناجعاً يحمي البلاد ويوفر الحماية للمدنيين الذين ما زالوا يدفعون فاتورة الصراع موتاً وقتلاً ونزوحاً عن القرى والمعسكرات، حلاً يرضى به جميع الذين يحملون السلاح والذين لا يحملونه، والرأي الحاسم لا يأتي من تلقاء نفسه وإنما تتم خدمته بالمشاورات الدائبة المكثفة وفي النهاية مؤكد أن المجتمعين سيصلون الى رؤية يتم نشرها على الملأ فيها الحل والسلام ونحن من هذا المنطلق نترقّب مع المترقبين وفترة اسبوعين ليست طويلة والرأي العام يتوقّع من أصحاب مبادرة أهل السودان أن يخرجوا على الملأ بإجابة صريحة وواضحة لسؤال ظل يؤرّق مضاجع المخلصين.. كيف تحل مشكلة دارفور من خلال الإجابة على السؤال المرادف كيف يُحكم السودان إبتداءً؟ وكيف يتم التعامل مع قضايا التنمية البشرية وتنمية البنى التحتية لأن موضوع التنمية ليس وقفاً على المسؤولين المختصين فحسب بل أصبح موضوع التنمية هو السبب الرئيسي لإندلاع النزاعات في السودان ولولا مسألة طريق الإنقاذ الغربي لما برزت قضية دارفور الى السطح بهذه الطريقة الدرامية المتسارعة ولولا التهميش والفقر والمرض لما حمل أبناء الشرق السلاح ولولا الظلم والغبن ما عارض السكان في الولاية الشمالية قيام السدود المفيدة للبلاد ولولا العطاءات التي تتسم بعدم الشفافية لما برزت في وسائل الإعلام قضايا الفساد وفاحت روائحها الكريهة في الأراضي والمباني والطرق والجسور والإنشاءات المختلفة ولما اوقف الوالي المتعافي إجراءات إنشاء موقف المواصلات الجديد على خلفية مسألة (الكودة- كركر) ولولا كذا ما كان كذا والجميع يعلم أن لو تفتح عمل الشيطان، ولكن بعضهم يحتفظ بعشق مفرط للشيطان ولذلك يتسببون للسودان بكل هذا القدر من المشكلات. وعلى غرار مبادرة أهل السودان لحلحلة مشاكل الوطن انطلقت مبادرة حيوية ومهمة جداً تحت عنوان مبادرة أهل الصحة لتطوير العمل الصحي بالبلاد ولعمري ان مشكلة التردي في الخدمات الصحية بالسودان ليست بأقل حجماً وتأثيراً من مشكلة دارفور ويكفي دليلاً وشاهداً قائماً تقرير المجلس الطبي الأخير عن سوء الإدارة والخدمات بالمستشفيات الحكومية ومن البلاغة القول بأن ذلك التقرير ينبغي ان يكون مرجعاً لعمل إصلاحي لمن يرغب من أصحاب القرار، والمبادرة بحسب د. الطيب العبيد أحمد رئيس لجنة المبادرة وأختصاصي الأشعة بمستشفى الخرطوم تقوم على اسس منهجية في التعريف برسالة الاستشفاء بين الماضي والحاضر والتطلع الى بيئة عمل إداري معافاة من أمراض الذوات وجعل الشفافية المطلقة في العمل منهجاً ونبراساً، كما تهدف المبادرة الى تطوير وترقية الخدمة الطبية التي تقدم للمرضى لتتماشى مع روح مفهوم التأمين الصحي وتسعى من خلال التشاور والنقاش الهادئ لبلورة مفهوم موحَّد حول طرائق اختيار قيادات العمل التنفيذي مستقبلاً لأن ساحة العمل الصحي في حقبة الانقاذ أصبحت مسرحاً للاستقطابات الحادة والمصالح المتضاربة ومكائد مراكز القوى ومافيا الدواء والإرتزاق. إنه عام المبادرات وهذه هي السمات، أن يتدافع الناس لتغيير الأوضاع السالبة الى نقيضها عملاً بقول الكتاب العزيز الحكيم (لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)، ونحن نتمنى أن يكون عاماً فيه يغاث الناس وفيه يعصرون وبهذا الفهم المتقدِّم للسير إلى الأمام في جميع المسائل والساحات يمكن لأبناء السودان المتحدين العازمين على الإصلاح أن يكسروا طوق الهزيمة الملتف حول رقبة البلاد وأن يخرجوها من ظلمات الأنانية والصراع المميت على السلطة إلى رحابة نور السلام والاستقرار بمشاركة الجميع.
مبادرة أهل الصحة.. في الليلة الظلماء يفتقد البدر
مبادرة أهل الصحة.. في الليلة الظلماء يفتقد البدر
منذ عدة شهور كتبنا على صفحات هذه الصحيفة الغراء تحت عنوان (شهر المبادرات الأمل أن يغاث فيه الناس ويعصرون) عن قضايا الاصلاح في القطاع الصحي على خلفية مبادرة أهل الصحة التي أطلقها د.الطيب العبيد اختصاصي الأشعة بمستشفى الخرطوم وآخرون، وأشرنا الى أوراق العمل التي كان المذكورون بصدد تقديمها عبر مبادرتهم لترقية وتطوير الخدمات بكافة المستشفيات في المركز والولايات، ولكن وبسبب العتريسين الذين لا يرغبون في رؤية الأفكار الجيدة وهي تأتي ممن يعتقدون أنهم دون المقام وئدت تلك المبادرة في مهدها عبر اتصال تليفوني من مسؤول رفيع المستوى بوزارة الصحة مع معارف له بمجلس الوزراء الموقر كانت نتيجته مساءلة أصحاب المبادرة أمنيا وتكاسلهم بعدها عن مواصلة المهمة النبيلة. ولكن لأن الحق يعلو ولا يعلى عليه فقد تكشفت في الايام الماضية عبر تحقيق صحفي مثير باحدى الصحف كافة تفاصيل التردي الكبير للأوضاع في مستشفى الخرطوم وبرز الخلل الاداري الذي ظل مستترا منذ تعيين مدير مستشفى الخرطوم الحالي عبر اختياره من مجموعة مرشحين بواسطة وكيل الوزارة رفعت اليه عبر مجلس ادارة المستشفى الذي انعقد وقتها بمركز التطوير المهني المستمر. فقد أبرز التحقيق الصحفي المفارقة في قيام مجلس الادارة بتكوين لجنة مراقبة تراقب أداء مدير المستشفى الذي سبق وأن تم ترشيحه وآخرين من ذات مجلس الادارة، ويبدو ان عامل الزمن كشف العديد من الاخفاقات فيما يتعلق بادارة ازمات المستشفى المستمرة وأوضح بجلاء وجود صراعات مصلحية حول عطاءات ادارة مرافق المستشفى الخدمية مثل الكافتيريا والاكشاك وأبان عن موطن من مواطن الخلل المالي الكبير حينما أشار الى ضبابية مستقر ايرادات منشآت المستشفى مثل المركز التشخيصي المتطور الذي يدور فيه صراع بحسب التحقيق بين ادارة المستشفى واحدى الشركات التي أبرمت عقدا بأن ايرادات المركز تذهب مناصفة بينها والمستشفى!! بيد أن أخطر ما كشفته الايام هو اخفاق مشروع توطين العلاج بالداخل الذي كانت تعول عليه وزارة الصحة كثيرا وتعتبره انجازا من انجازاتها ولكن حقيقة الامر ان هذا المشروع يعيش في افواه المسؤولين فقط وليس له في ارض الواقع وجود وما زال الناس يتجشمون مشقة السفر للتداوي بالخارج بسبب تردي الخدمات العلاجية بالداخل وكثرة الاخطاء الطبية الناجمة عن الاهمال مما ورد في تقرير مجلس التخصصات الطبية. ان المشكلات الجمة التي تعج بها مستشفى الخرطوم تحتاج الى مبضع جراح ونطاس بارع ومن المهم الاعتراف بالذنب والرجوع الى الحق وعلى وزارة الصحة الاتحادية، ان تتذكر انها قطعت الطريق ذات يوم على نفر كريم مختصين جاءوا بمبادرة لتطوير وترقية الخدمات صبوا فيها كافة خبراتهم وعصارة جهدهم وبدلاً من الترحيب بالمبادرة حاربوها قبل أن يتبينوا أهدافها على المستوى البعيد والى أولئك وهؤلاء نهديهم قول ابو فِراس الحمداني سيذكرني قومي اذا جد جدهم وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر. محمد كامل عبد الرحمن
الثلاثاء، 6 يناير 2009
حسن نصر الله هل يجسد الحلم العربي والإسلامي بالتحرر؟
بقلم / محمد كامل عبد الرحمن
من دلائل رحمة الله الواسعة انه كلما ادلهمت الخطوب علي الأمة العربية والإسلامية ، وضاقت عليها الأرض بما رحبت ، يسر الله لها ما يخرجها من حالة اليأس الي طمأنينة الأمل بإمكانية الخروج من عنق الزجاجة ، هذا ما بدا واضحاً بعد حالة الكآبة التي اجتاحت الأمة العربية والإسلامية جراء جرائم الحرب التي نفذتها ومازالت دولة الكيان الصهيوني ضد أبناء الشعب الفلسطيني المحصورين في قطاع غزة ، فقد انطلقت المظاهرات الهادرة في كل العواصم والمدن العربية والإسلامية ، وافرغ بعض المجاهدين في أصقاع الأرض البعيدة شحنات الغضب الملتهبة ضد أهداف غربية تساند إسرائيل في جرائمها ضد الفلسطينيين ، وطالبت العديد من دول العالم إسرائيل بالكف عن مواصلة ارتكاب الجرائم ضد أبناء غزة العزل ،بيد أن الكلمات التي أطلقها الشيخ حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله في لبنان جسدت كافة المشاعر الجياشة للملايين من المسلمين الذين يقبعون مستسلمين تحت نير وتسلط حكوماتهم العربية التي لا تعبر عنهم ولا عن حقيقة ما يحملونه من مبادئ نبيلة هي وصايا الله التي انزلها في كتابه الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه حتي يرد الحوض حوض النبي يوم يقوم الناس لرب العالمين ، لفد كانت كلمات نصر الله برداً وسلاماً علي اؤلئك المحصورين في غزة الذين ينتظرون دورهم في نيل الشهادة مع أزيز كل طائرة صهيونية غادرة ، وجاءت كلمات نصر الله تثبيتاً لقلوب الملايين من المسلمين في مختلف الأقطار العربية الذين يشاهدون عبر الفضائيات تلك الجرائم ولا يستطيعون عمل شئ سوي الدعاء والتضرع للمولي عز وجل أن ينصر إخوتهم في فلسطين ويخفف عنهم ما يلاقونه علي أيدي العدو الصهيوني.
لقد حرك نصر الله مشاعر المسلمين في بقاع الأرض قاطبةً لأنه تحدث بلسانهم وبما يعتمل في دواخلهم ، وحركت كلماته الشعب المصري الأبي فخرجت الملايين تطالب بفتح معبر رفح لإدخال المعونات للفلسطينيين ولاستقبال الجرحي ومواساة المكلومين لان معبر رفح هو الباب الوحيد لمد يد العون للفلسطينيين بعد أن تضافرت عوامل عدة وعملاء عديدون فتعسر علي الكثيرين تقديم المساعدات للرجال والنساء والأطفال في غزة ، إن الدعوة لفتح المعبر تنطلق بسبب الشعور الكبير بالعجز والاسي عن فعل شئ لإزالة العقبات أمام تطبيق المثل النبوي الشريف الذي يصور تكاتف وتعاضد المسلمين بالجسد الواحد ، فهذه هي الأخلاق الإسلامية الحقة وهذا هو الإتباع الحق لكلمات الله التي خاطبت قلوب المؤمنين بالقول: ( ومالكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك ولياً واجعل لنا من لدنك نصيرا).
إن الاستجابة لداعي تحرير الإرادة السياسية العربية ينبغي أن يؤخذ بقوة في هذه الأيام المباركة من العام الهجري الجديد حتي تتخلص الأمة من عوامل الضعف التي فيها ، فقد تكشفت الحقائق وأصبحت الرؤية تجاه الأنظمة العربية المتواطئة مع العدو واضحة ومن المهم البدء الفوري في إعادة النظر في علاقة الشعوب الحرة بأنظمتها الحاكمة وترتيب عملية إعادة الحكم الي هذه الشعوب لأنه لا سبيل الي تحقيق الكرامة والنبوة المبشرة بإبادة اليهود والحاثة علي إزالة شجر الغرقد إلا بإزاحة معظم الأنظمة العربية التي تجثم علي صدر الأمة مثل الهم والغم أو إجبارها علي الانصياع لرغبة الشعوب.