الأحد، 13 نوفمبر 2011

قراءة هادئة في الوضع الراهن (2-3)

الجوس بالكلمات
twasool@gmail.com

قراءة هادئة في الوضع الراهن (2-3)
ان الخارجية السودانية ظلت ولفترات طويلة تعول علي امكانية تحسين العلاقات بين واشنطن والخرطوم ومن اجل تحقيق ذلك الغرض دفع السودان تنازلات جسيمة املاً في التحسين الزعوم ولكن كلما ( انبطحت ) الخرطوم تمادت واشنطن في إذلالها وكلما بشرتنا الخارجية بقرب تسوية الملفات بين الطرفين ورفع العقوبات فرضت الخارجية الامريكية ومن ورائها واشنطن الام عقوبات جديدة قاسية ولم تحصد الخرطوم سوي السراب والانكي ان موقع ( ويكيلكس ) زاد الطين بلة حينما اماط اللثام عن الوجه القبيح لرموز النظام في الخرطوم وسجل ما كانوا يطلقونه من تصريحات مخالفة للشعارات الاسلامية المرفوعة ، ان الخارجية اليوم تخوض مع جملة الخائضين من منسوبي الخرطوم في تحليل المواقف الامريكية المساندة لحكومة جنوب السودان وكأن المسألة اكتشاف جديد مثل اكتشاف كريستوفر كولمبس للأرض الجديدة .

لقد كان من الواضح جداً ومنذ وقت مبكر أن سياسة واشنطن تجاه الخرطوم وجوبا تميل بشكل مباشر لا لبس فيه نحو تدعيم مواقف حكومة جنوب السودان ، وتحليل ذلك انه قد تتعدد الاسباب والدواعي المفسرة للسلوك الامريكي باعتبار ان ملف الخرطوم يعج بالصفحات السوداء ولكن ومع ذلك علينا ان نناقش من منظور عقلاني مناهض للرؤية الخاصة التي تتوهمها طواقم الخارجية السودانية العاجزة عن اصلاح هذه العلاقات والخروج بها من مستنقع الضربات المتتالية في كافة المحافل ، ان العجز واضح والسبب كما ذكرنا مراراً وتكراراً يعود الي الذهنية السوقية والاطقم غير المدركة لحقيقة طرائق تفكير العالم المتحضر ولذلك هم يسقطون دائماً في الشراك ولن نذيع سراً اذا قلنا ان خر صفقة عقدتها احدي اطقم الخارجية كانت خاسرة بحيث تلقوا وعداً من الطرف الامريكي بعدم الضغط لاصدار بيان ادانة بحق الحكومة السودانية  في المجلس الدولي لحقوق الانسان ليتفاجئوا بان محتوي مشروع القرار يضع لهم السم في الدسم هذا عوضاً عن الوعود التي تلقاها الامريكيون بخصوص تبني حكومة الخرطوم لدستور جديد مرن علي حد وصفهم .
لن تكون اللهجة الشديدة التي صاغت بها السلطات الامريكية بيانها الخاص بادانة القصف السوداني لمناطق في دولة جنوب السودان  تضم معسكرات فارين من مناطق النزاع في جنوب كردفان والنيل الازرق هي آخر اللهجات والسياسات التي تختطها واشنطن تجاه الوضع في الخرطوم ومن الواضح ان الادارة الامريكية تتلقي رسائل سرية من بعض وكالاتها تفيد بامكانية استغلال الوضع في الخرطوم لصالح المصالح الامريكية - وهو ما يجعل العديد من اطقم الخارجية السودانية تعول علي امكانية تحسين العلاقات بناءاً علي تلك الحيثيات الوهمية - ولكن هذه الرسائل سرعان ما تنسفها حماقات الحمقي ما يجعل واشنطن تحسب حساباتها الاستراتيجية قبل مراجعة اي صفقات غامضة مشبوهة ، ان اللهجة الامريكية الاخيرة ترجح امكانية تفعيل الادارة الامريكية لخططها الاستراتيجية في المنطقة ، لقد سبق ان اعلنت واشنطن نيتها دعم الدولة الوليدة في جنوب السودان ، ليس الدعم فحسب بل اعلنت جاهزيتها لحمايتها والسؤوال الاستراتيجي هو كيف ستحمي واشنطن ربيبتها الجديدة جوبا خصوصاً في هذه المرحلة الحرجة من عمر دولة جنوب السودان وهي تتلمس طريقها نحو الامام وتشتكي كل حين من خروقات حكومة الخرطوم ؟ ان آخر شكوي من جوبا هي اتهامها الخرطوم بقصف معسكرات النوبة وسكان النيل الازرق الفارين من مناطق النزاع .
احياناً يكاد المرء يجزم بأنه لا توجد خارجية سودانية يعتمد عليها في جلب ورعاية مصلحة السودان او ان بوناً شاسعاً يفصل بين السياسة الخارجية والسلطة التنفيذية العليا للبلد بحيث يتم كل شئ ضد مصالح السودان ولدينا دليل شاهد علي هذا وهو قريب جداً ..ألم يصدر المجلس الدولي لحقوق الانسان في دورته الاخيرة قراراً بدعم حكومة السودان تقنياً وتوفير التدريب وبناء القدرات ؟ الاجابة نعم ولكن ذات المجلس وبعد فراغ البعض من عقد الصفقات مع الجانب الامريكي اصدر قراراً يلزم كافة وكالات الامم المتحدة والدول تقديم الدعم المادي وتوفير الاموال لدولة جنوب السودان عوضاً عن الدعم الفني وبناء القدرات !!!. ان المعادلة واضحة  ففي الوقت الذي تنشغل فيه اطقم الخارجية السودانية بعقد الصفقات السوقية مع الجانب الامريكي في كافة المحافل ينشط الامريكيون ومعهم آخرون في توفير كافة اشكال الدعم للدولة الجديدة في جنوب السودان وهم الآن وبحسب المعطيات سينشطون في حماية الجنوب من القصف الشمالي فقد وعدوا بذلك من قبل ، ان الحمقي الشماليون ساهموا من قبل في فصل الجنوب استجابة للضغوط الاجنبية وهم يساهمون اليوم في إشعال المناطق الحدودية مع الجنوب ليصنعوا جنوباً جديداً بايديهم ويتوقعون من المجتمع الدولي ان يساندهم !!!.
ولتكرار الحديث من اجل الإفهام فإن سياسة واشنطن تجاه الخرطوم وجوبا تقوم علي تجريد الخرطوم من كافة مصادر القوة وتدعيم جوبا بكافة وسائل التمكين كخطوة اولي وما لم تتمتع الخرطوم بالذكاء الكافي فإن المحصلة النهائية معلومة  بالضرورة..ان الذكاء الذي نقصده يتمثل في فتح الخرطوم لمنافذ الحوار السياسي مع الطرف الآخر وايقاف حرب الاستنزاف ثم قيام الخرطوم بتشكيل حكومة قومية تنهي حالة الاستفراد العقيم للسلطة واضعاف الروح الوطنية بموجب ذلك اما الدستور فالحذر الحذر من تلاعب المتلاعبين الذين يريدون تطويع الدستور لخدمة مصالحهم الضيقة مع الغرب فهؤلاء أسوأ الناس وليس أسوأ منهم إلا اؤلئك الذين يريدون الإتجار بالدين ويزعمون انهم يريدون تحكيم الشريعة وهم ظلوا عشرون عاماً يهدمون الشريعة ويطبقون نهج ( اذا سرق فيهم الشريف تركوه ) .

ليست هناك تعليقات: